أكد رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن المشير الركن مهدي المشاط أن اليمن حكومة وشعباً مستمرة في معركة التحرر والاستقلال حتى دحر الغزاة من كامل اليمن.
وجدَّد الرئيس المشاط في كلمة له مساء الأحد، بمناسبة الذكرى 61 لثورة 14 أُكتوبر المجيدة، الدعوةَ للنظام السعوديّ إلى “اتِّخاذ الخطوات الشجاعة والصحيحة بإنهاء العدوان ورفع الحصار بشكل كامل وتنفيذ الاستحقاقات الإنسانية، وعدم الانصياع للضغوط الأمريكية لتعقيد المشهد، وإطالة أَمَدِ العدوان؛ لأَنَّ ذلك لا يَصُبُّ في مصلحة المنطقة، ولا يخدم السلام، وإنما يَصُبُّ في مصالح الأمريكيين على حساب مصالح بلدَينا وشعبَيْنا، ومصالح أمتنا”.
ووجه الرئيس المشاط النصحَ للمتورطين في خيانة ثورة الرابع عشر من أُكتوبر، ومبادئها من المنحازين إلى صف المحتلّ “بالعودة إلى جادة الصواب، وتدارك حالة الخزي والعار التي ستلحق بهم طوال الدهر، إذَا بقوا في موقع الخيانة لبلدهم، لصالح العدوّ الخارجي”.
كما أكد على موقف اليمن الثابت والمبدئي والمتصاعد في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني، بكل أشكال الدعم المتاحة، عسكريًّا وسياسيًّا، وإعلاميًّا، حتى تحقيق الانتصار، وإنهاء العدوان ووقف الحصار على غزة.
وأدان الرئيس المشاط العدوان الصهيوني الأمريكي المتواصل على لبنان، وجرائمه الوحشية التي يرتكبها بحق الشعب اللبناني، مؤكّـداً بالقول: “نقف إجلالاً وإكباراً أمام البطولات الأُسطورية التي يسطّرها مجاهدو المقاومة الإسلامية في لبنان، الذين يلقّنون العدوّ دروساً غير مسبوقة في الصمود والثبات، والأداء القتالي المتعالي الذي فاجأ العدوّ، وأثبت مجدّدًا أن استشهادَ القادة لا يعني انتهاءَ المعركة، بل إن دماءهم كانت الوقود الذي اكتوى الصهاينة بنارها، وزادتهم تصميماً وتفانياً وثباتاً على مواصلة السير على خطى الشهداء، وعلى طريق القدس حتى تحقيق النصر القريب بإذن الله”.
وفي السياق جدَّد التأكيد على وقوف اليمن الكامل إلى جانب شعب لبنان، في معركة الدفاع عن نفسه، ومساندة غزة.
دروسٌ للعزة والكرامة:
وتقدَّمَ الرئيسُ المشاط بخالص التهاني والتبريكات لشعبنا اليمني العزيز في الداخل والخارج، كما تقدم بخالص التهاني والتبريكات للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وخَصَّ بالتهنئة رجال الرجال الأبطال في ثغور الوطن وجباله وسهوله وبحاره أبطال القوات المسلحة والأمن البواسل وكلّ الأحرار الشرفاء في الساحة الوطنية بهذه المناسبة العظيمة.
وقال الرئيس المشاط: “إننا في هذه الذكرى الخالدة على ميعاد سنوي يذكّرُنا بعظمة وبسالة شعبنا اليمني العزيز الذي واجه أكبرَ إمبراطورية على وجه الأرض في ذلك الحين الاحتلال البريطاني، وهو في أشدِّ ظروفه قسوةً وصعوبة” لافتاً إلى أن “اليمنيين صنعوا في ثورة 14 أُكتوبر دروس العزة والكرامة والشجاعة والحرية حتى اندحر المحتلّ من أرضنا إلى غير رجعة، كما صنعوا ملحمةً وطنيةً خالدة أكّـدوا فيها من جديد أن هذا الشعبَ مدرسةٌ لطرد الغزاة وكسر الإمبراطوريات الاستعمارية، وأن اليمن كان وسيظل مقبرةً للغزاة على مر التاريخ”.
وأضاف: “كما كان أجدادنا العظماء في مواجهة الاحتلال البريطاني في الـرابع عشر من أُكتوبر، ها نحن اليوم -في هذا الجيل وبعد 60 عاماً من نضالاتهم- نعيد الكرة في التصدي للغزاة؛ وهو ما يؤكّـد أن قيم أباة الضيم، ومقاومة البغي يتوارثها اليمنيون كابراً عن كابر، وجيلاً بعد جيل”، منوِّهًا إلى “أن بطولات شعبنا اليمني اليوم في مواجهة تحالف العدوان بزعامة أمريكا على مدى عشر سنوات والتصدي لهذه الحرب الظالمة، وإفشال مشروعه الاستعماري إلا تأكيد للعالم أجمع بأن اليمنيين قد اتخذوا قراراً لا رجعة فيه، وهو أن لا وصاية ولا احتلال لأرضهم مهما كلفهم الثمن، وأنهم مُستمرّون بعون الله في هذا النهج حتى تحرير آخر شبر من الأراضي اليمنية”.
وواصل الرئيس المشاط قائلاً: “كما استخدم غزاة الأمس في مطلع القرن العشرين سياسة نشر الفتن، وفَرِّقْ تَسُدْ، واستخدم المرتزِقةَ والعملاءَ الذين خانوا وطنَهم؛ لتسهيل سيطرته وتعزيز سطوته على هذه الأرض، ها هم غزاة اليوم يمارسون السياسةَ ذاتها، وكلَّ الحيل والمكائد؛ لفَتِّ عَضُدِ هذا الشعب وتمزيقِه”.
وأشَارَ إلى أن “المرتزِقةَ والغزاة قد تمكّنوا مع الأسف الشديد في تشكيلِ جيشٍ من المرتزِقة من أبناء هذا البلد، ليكونوا مطايا له وعوناً له في استلابِ حرية شعبهم، ونهب ثرواتهم”، لافتاً إلى أن “من لم يستفد من هذه الدروس، فالتاريخ يعيد نفسه وما مصيرُ مرتزِقة اليوم بمختلفٍ عن مصير مرتزِقة الأمس”.
وأكّـد أن “التاريخ لن يرحم من يقف في صف الغزاة، وأن المجد كُـلّ المجد والنصر والإباء لكل الأحرار والشرفاء المواجهين للغزاة، مهما بلغ المصاب وعظمت التضحيات إلا أن جائزة الاستقلال ونعمة الحرية تستحق منا كُـلَّ ما قدمنا”.
مواجهةُ الاحتلال ضرورةٌ إنسانية:
وبيّن رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، أن “استقلال الشعوب ومواجهة الاحتلال في كُـلّ أنحاء العالم هو ضرورة إنسانية وحق لا جدال فيه”.
وأشَارَ إلى أنه ومن هذا المنطلق فَــإنَّ معركة “طوفان الأقصى” التي انطلقت في السابع من أُكتوبر، ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاصب هي عمل مشروع وَجدير بكل الدعم والإسناد، آملاً أن تفضي شرارة أُكتوبر الفلسطيني إلى التحرير الكامل كما أفضت شرارة أُكتوبر اليمينة إلى دحر المحتلّ البريطاني، وتحرير اليمن من دنس الاحتلال.
واستغل الرئيس المشاط هذه المناسبة للتذكير بدور حكومة الاستقلال في عدن إبان ثورة الرابع عشر من أُكتوبر، في مناصرة الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، والتي خذلها التاريخ في صفحة بيضاء وناصعة، لافتاً إلى أن “من هذه المواقف على سبيل المثال لا الحصر فتح معسكرات التدريب للمقاومة الفلسطينية في مدينة عدن الباسلة، وتقديم كُـلّ أشكال الدعم اللوجستي للمقاومة في مراحلها الأولى، واحتضنت عدن أول مكتب مختص لمقاطعة العدوّ الإسرائيلي”.
وأكّـد الرئيس أن “قلوب وسلاح وأموال اليمنيين جميعاً، من عدن إلى صعدة ومن المهرة إلى الحديدة ماضياً وحاضراً كانت دائماً إلى جانب فلسطين، وشعب فلسطين، ولم تتأخر يوماً في بذل الغالي والنفيس؛ دعماً وإسناداً لهذه القضية المركزية، التي تتمحور حولها كُـلّ قضايا أمتنا جمعاء”.
وأوضح أنه “وَمن هذا المنطلق يقف شعبنا اليمني اليوم موقفاً راسخاً وثابتاً في دعم الشعب الفلسطيني في معركته الوجودية للتحرّر من الاحتلال الإسرائيلي، الجاثم على صدره، بوعد بريطاني ودعم أمريكي منذ ثمانية عقود، بكل ما يستطيع من إمْكَانيات”.
خطرٌ محدقٌ على الجميع:
وخاطب الرئيس المشاط أبناء أمتنا العربية والإسلامية، مؤكّـداً أن “الخطر اليوم محدق بنا، وأن المهمة كبيرة، وهي لا تقتصر على فلسطين وحدها، أَو لبنان، أَو سورية، وَمصر، أَو الأردن، أَو السعوديّة، وَإنما تستهدف المنطقة بكلها”، مُشيراً إلى أن “تصريحات المجرم نتنياهو عن تغيير الشرق الأوسط بكل وضوح ووقاحة، هي جرس إنذار يجب أن يستوعبه العرب جميعاً”، موضحًا “أننا في زمن كشف الحقائق، حَيثُ بدأت تتوالى التصريحات والإشارات، من مسؤولين يهود، وحاخامات، وتطبع الخرائط، وتنشر الصور، وكلها تبرهن عن خطورة التوجّـه العدائي الجمعي للعدو الإسرائيلي، ضد المنطقة بكلها”، مؤكّـداً أنه “لا مصلحة لأحد في الحياد، ناهيك عن التطبيع”.
وواصل: “إذَا لم نتكاتف اليوم في وجه هذا العدوّ المجرم، وما يرتكبه من مجازرَ بشعة، وغير مسبوقة في فلسطينَ ولبنان، وسورية واليمن، فسيأتي الدور على الجميع، واحدًا تلو الآخر”.
ولفت إلى أن “من مبادئ الإسلام وبديهيات المنطق وأبجديات السياسة أن مصلحة الأُمَّــة العربية والإسلامية كافةً تقتضي دحر الاحتلال، وإفشال مخطّطاته ودعم حركات الجهاد والمقاومة، في فلسطين ولبنان والعراق وكلّ الأقطار العربية، قبل أن يتفشى هذا المرض في جسد المنطقة”.
وأوضح أن “المسؤولية اليوم علينا هي في مضاعفة الجهود، لا سِـيَّـما ونحن نرى أهل الباطل بزعامة أمريكا ودول الغرب لا يتوقفون عن إرسال دعمهم العسكري للعدو الإسرائيلي المجرم، وإسناد إجرامه وظلمه بكل ما يحتاج إليه، وهو ما يتعارض مع كُـلّ القوانين الدولية، في حين يبخل البعض عن دعم المظلومين، وأهل الحق والقضية العادلة حتى بالكلمة والموقف، وهو أضعف الإيمان”، مبينًا أن “المسؤولية الإسلامية والواجب الشرعي وروابط العروبة تحتم علينا جميعاً تقديم الدعم للشعبين الفلسطيني واللبناني، بالمال والسلاح، والكلمة والموقف، وهم في موقف الدفاع عن النفس ودفع اعتداءات هذا العدوّ المجرم”.