دخلت الثورة الإسلامية الإيرانية مرحلة جديدة في حياتها بولوجها عامها السادس والأربعين على انتصارها. ستة وأربعون سنة هي سن النضج والعقلانية. إن النضج هو نتيجة للصعوبات التي تمتزج بالحكمة والتفكير والذي يرسم حاليا صورة أكثر وضوحًا لأفقه المثالي من خلال الجمع بين قوة العقل والعمل. ظلت الثورة الإسلامية في إيران ثابتة على مبادئها وأصالة شعاراتها بالرغم من التقلبات التي شهدتها العقود الأربعة الماضية كما أنها تصدت للتهديدات القائمة للاستقرار والأمن والحدود ووحدة أراضيها تصديا فاعلا.
والآن أصبح أمام أعيننا نتاج ما يزيد من أربعين عاماً من الجهد وهو دولة وشعب ينعمان بالحرية والقوة والعزة والديانة متقدمين في العلوم والخبرات لهما منطق سديد تجاه القضايا العالمية جاء كلها بفضل الثورة والتوجهات الثورية. لقد كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية واحدة من أنجح الأنظمة الحاكمة في العالم في توزيع الثروة وتطوير البنى التحتية وتوفير الخدمات للمناطق الفقيرة في الأغلب ما يعتبر إنجازاً عظيماً للجمهورية الإسلامية الإيرانية في تعزيز المساواة والعدالة.
مكاسب وإنجازات الجمهورية الإسلامية الإيرانية
تمثل إيران قمة استراتيجية في العالم بسبب ما تتمتع به من ثروات طبيعية وجغرافية قيمة. إن الاستقلال هو الإنجاز الأهم الذي حققته الثورة الإسلامية الإيرانية بعد 80 عاماً من النفوذ الأجنبي والهيمنة الغربية على القاعدة السياسية في إيران الأمر الذي دفع بأعداء الاستقلال وديانة الشعب بفرض أقسى العقوبات على الإيران على مدى العقود الأربعة الماضية. رغم كل هذه العراقيل التى أحدثها العدو للجمهورية الإسلامية الإيرانية ظلت مزدهرة وأبية وحققت مكاسب عظيمة خلال حياته التي استمرت 46 عامًا وذلك بمشيئة الله.
إن إنجازات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المجالين المعرفي والعلمي تدعم بعضها البعض. نشير إلى نماذج قليلة من الإنجازات العلمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث تحتل إيران المرتبة الخامسة عالميا في مجال النانو كما تحل في المركز الحادي عشر في مجال تقنية الطباعة الصناعية رباعية الأبعاد عالميا والأولى في العالم الإسلامي فيما تستحوذ على المرتبة الخامسة عشرة في مجال الطب والخلايا الجذعية على مستوى العالم والأولى على مستوى الشرق الأوسط فيما تحل في المركز السابع في مجال الصيدلة في العالم محتلة المراكز العشرين الأولى في جميع مجالات إنتاج العلوم الكمومية.
هذه الإنجازات كلها تحققت مدعومة بالإنجازات المعرفية للجمهورية الإسلامية الإيرانية نابعة من الإيمان بالقدرة والثقة بصحة مسار الثورة على مدى العقود الأربعة الماضية وأصبحت مصدر إلهام بالنسبة للشعوب الحرة.
إن تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في جوهره إنجاز عظيم إذ لم تكن هناك تجربة سابقة أو طريق متبع في هذا الصدد كما لم تكن من المفترض وقتئذ أن تضع حجر أساسها قائما على كتلتى الشرق أو الغرب بل أصبح نموذجاً ينبثق عن الإيمان في صميمه والوعي الإسلامي دون أن يحتذي بالاستقطابات الحاضرة آنذاك. إن الجمع بين الجمهورية والإسلامية كان مبادرة جديدة لم تطلق إلا بفضل التوجيه الإلهي والفكر العظيم للإمام الخميني (رحمه الله). لقد كان هذا الإنجاز أول تألق للثورة الإسلامية في إيران وكما قال الإمام الخميني (رحمه الله) فإن الثورة الإسلامية في إيران كانت انفجاراً من النور. لقد انتشر نور هذا الأمل في المنطقة والعالم مما أعطى زخما جديدا للحركات الشعبية من أجل التغيير كما منح هذا الحدث حياة جديدة للم* قا* و* مة ضد ال* صه* اي* نة الخبثاء. لقد دعمنا هذا الأمل في المنطقة منذ البداية ونستمر في دعمنا لأى جهة تصمد وتتصدى للممارسات ال* صه* يو* نية الخبيثة.
الجمهورية الاسلامية الإيرانية وجمهورية العراق
منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية في إيران دعمت الثورة الإسلامية في إيران وبالتالي الجمهورية الإسلامية الإيرانية إرادة الشعب العراقي في تحقيق حقه في تقرير المصير واستمر هذا الدعم بعد انتصار إرادة الشعب العراقي على النظام السابق واليوم يسير العراق حكومة وشعبا بفخر على طريق النمو والتطور. يشكل تعزيز العلاقات في المجالات القائمة والجديدة أولوية لكلا البلدين لتحقيق التنمية ويعتبر وجود صلات قوية شرطاً أساسياً لذلك. إن إرادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية حكومة وشعبا هي دعم جمهورية العراق حكومة وشعبا في طريق التنمية ومساندتها. أتيحت حاليا فرصة ذهبية للشعبين لبدء موسم جديد من العلاقات الطيبة القائمة على الاحترام المتبادل. يرسم الشعبان بنضج آفاقا جديدة من التعاون من خلال تطوير العلاقات المبنية على الخبرات السابقة والقدرات المتاحة.
تربط إيران والعراق علاقات تاريخية وجغرافية عميقة باعتبارهما دولتين جارتين. نتمنى مخلصين أن تستمر نجاحات الحكومة العراقية ولن نألوا جهدا ولا دعما في هذا الصدد مبدين عن استعدادنا في الوقت ذاته كما هو الحال دائماً لتعزيز وتشجيع أي تعاون مشترك مع الحكومة العراقية وتسهيل مجالات التواصل والتعاون بين القطاع الخاص الإيراني ومختلف الأطراف العراقية.
التنمية وضرورة التآزر الإقليمي
التنمية لها بعدان: داخلي وخارجي. إن البعد الداخلي هو نتيجة لإرادة الأمة في التنمية أما البعد الخارجي فهو نتيجة لبناء القدرات الإقليمية وإزالة العوائق القائمة. التنمية حق أصيل لا يمكن إنكاره وهي مقدمة لتحقيق حقوق الإنسان كافة. لقد أثبت المدّعون الكاذبون لحقوق الإنسان في القضية الفلسطينية أن حقوق الإنسان ليست سوى أداة لتحقيق مصالحهم الشريرة واللاإنسانية. تكشف الوثائق والعديد من السجلات الدولية أن هؤلاء المدعين الكاذبين يرفضون أساسا تطور البلدان والشعوب الحرة. يحاول هؤلاء منع التآزر بين البلدان المتنامية من خلال خلق الروايات واتجاهات كاذبة وتحويل الاتصال بين الممرات والعلاقات الاقتصادية بين البلدان إلى ساحة المنافسة حتى تتركز قوة الدول وطاقتها على المنافسة بدلاً من التنمية. هذه هي الحرب المعرفية التي يسعون إليها. إن هذا القرن هو القرن الآسيوي. سيؤدي ربط ممرات المنطقة ببعضها البعض إلى نمو وازدهار المنطقة بأكملها. فإن ممرات إيران والعراق تتكامل مع بعضها البعض وليست منافسة. سيتم تحقيق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة من خلال مشاركة سكانها الأصليين.
القضية ا* فل* سط* ينية
وفي هذا الإطار تأتي قضية فل* سط* ين ومظلوميتها التاريخية في قلب القضايا. يرى البعض أن الم* قا* ومة ضعفت بعد التطورات التي شهدتها المنطقة مؤخرا في حين أن التطورات الإقليمية تؤكد بشكل واضح على شرعية الم* قاو* مة وشراسة ال* صه* اينة. الجوهر الرئيسي للمقاومة هو التصدي للممارسات الخبيثة لل* كي* ان ال* صه* يو* ني. هذه هي الم* قاو* مة. الم* قاو* مة حية ويجب أن تبقى حية كما يجب أن تزداد قوة يوما بعد يوم. إن ال* كي* ان ال* صه* يو* ني هو مصدر عدم الاستقرار وانعدام الأمن وتجسيد لكل الرذائل الغربية في المنطقة. لا يتم تفسير محور ال* مقا* ومة كقوة تسعى إلى الفوضى كما تشير الروايات الكاذبة بل كأداة واستجابة محلية لشعوب هذه المنطقة لانعدام الأمن والقمع والاضطهاد التاريخي من قبل الغرب ضد المنطقة وخاصة فل* سط* ين هادفة إلى توفير الأمن لسكان المنطقة الأصليين. يجب إنهاء الاضطهاد التاريخي لف* لس* طين كما ويجب أن يتم تقرير مصيرها من قبل سكان فل* سط* ين الفعليين. اكتسب بيان هذه القضية في هذه الفترة التاريخية أهمية أكثر من أي وقت مضى.
وهنا أرى من الضروري التأكيد على الدور البناء الذي تلعبه العراق حكومة وشعبا في استقرار المنطقة والسلام ودعم فلس* طين. على صعيد السياسة الخارجية يلعب العراق باعتباره طرفاً مؤثراً دوراً مهماً في استقرار وأمن المنطقة. إن الجهود الدبلوماسية العراقية الرامية إلى إرساء السلام الإقليمي جهود قيمة تستحق الثناء. لذلك فإننا نشهد بشكل متزايد التطور الداخلي وتعزيز دور العراق ومكانته في النظام الدولي. وفي ضوء التطورات الإيجابية التي شهدناها خلال العامين الماضيين فإننا نشهد في العراق استقراراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً غير مسبوق.
لقد تمكن السيد السوداني الذي وصل إلى السلطة بدعم من الغالبية العظمى من الأحزاب والجماعات السياسية من اتخاذ خطوات فعالة نحو تنفيذ البرامج المرجوة وعلى الساحة الداخلية أولى السيد رئيس الوزراء إنشاء واستكمال مشاريع البناء في مختلف أنحاء العراق والبدء بمشاريع البنية التحتية الاستراتيجية مثل مشروع الطريق اهتماماً بالغا كما أن إجراء التعداد السكاني العام بعد عقود من الزمن يعتبر خطوة مهمة نحو تهيئة الأرضية المناسبة للتخطيط للبنية التحتية الاجتماعية والخدماتية.
وأخيراً أود أن أتوجه بشكري للحكومة العراقية على سعيها إلى المضي قدماً في تنفيذ التزاماتها والتزامها بتطوير العلاقات الثنائية آملا أن يستمر مسار التعاون والتعاطف بين البلدين إلى الأبد كما أتقدم بالشكر والتقدير لكرم الاستضافة وحسن الاستقبال الذي وفره الشعب العراقي وتعاون المسؤولين العراقيين الأخوي في إحياء الزيارة الأربعينية لإمام الحسين (ع).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *