اصدرت “حركة انصار شباب ثورة 14 فبراير” بيانا بمناسبة الذكرى السنوية الـ45 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران و أكدت فيه أن نجاعة التجربة الاسلامية في إيران ، في الجمع بين “الديمقراطية” و”الدين”، و بين “الجمهورية” و “الاسلامية”، و بين “حاكمية الله” و”حاكمية الشعب”، أثارت حفيظة الغرب والشرق في حينها، لأنها وضعت نموذجه الليبرالي والشيوعي والإشتراكي في الحكم، في قفص الاتهام.
وفيما يلي نص البيان الصادر عن “حركة انصار شباب ثورة 14 ” بهذا الخصوص :
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍوَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِهَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ) الآية 1الى 10/سورة الفجر/صدق الله العلي العظيم.
تبارك حركة أنصار شباب ثورة 14 فبراير لقائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي (دام ظله الوارف) والشعب الايراني الثوري المسلم والمؤمن الشقيق بالذكرى السنوية الخامسة والأربعين لإنتصار الثورة الاسلامية وعشرة الفجر التي بدأت بعودة الامام الخميني (ره) من فرنسا الى ايران والتي إنتهت بإنتصار الثورة الاسلامية في 11 فبراير 1978م الموافق 22 بهمن 1357ش.
يصادف الأحد 11 فبراير 2024م المصادف 22 بهمن 1402ش الذكرى الـ45 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران، الثورة التي خرج من رحمها نظام الجمهورية الاسلامية، النظام الذي أبطل عمليا، مقولة لطالما روج لها الغرب، والقائلة باستحالة “قيام نظام سياسي يمكن أن يمزج بين أحكام الدين الثابتة، وبين متغيرات المجتمع والحياة” وحصر خيارات الشعوب، بخيارين لا ثالث لهما، أما “النظام الديمقراطي”، أو “النظام الثيوقراطي”، فإذا بمفجر هذه الثورة ومهندس جمهوريتها، الامام الخميني الراحل (قدس سره)، يضع خياراً ثالثا أمام الشعوب، وهو خيار “السيادة الشعبية الدينية”.
والاستقلال عن الشرق والغرب ،استمر لخمسة وأربعين عاماً،في ظل نظام سياسي مقتدر نمى وتطور في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والصناعية والتكنلوجية والطبية وفي المجال الذري وغيرها من العلوم والتكنلوجية.
ويبدو أن نجاعة التجربة الاسلامية في إيران ، في الجمع بين “الديمقراطية” و”الدين”، و بين “الجمهورية” و “الاسلامية”، و بين “حاكمية الله” و”حاكمية الشعب”، أثارت حفيظة الغرب والشرق في حينها، لأنها وضعت نموذجه الليبرالي والشيوعي والإشتراكي في الحكم، في قفص الاتهام، فانبرى الغرب على وجه الخصوص بتوجيه الاتهامات للجمهورية الاسلامية في ايران، بهدف التقليل من وهج نجاحها، والحيلولة بالتالي دون إنتقال تجربتها الى باقي الدول الاسلامية والشعوب المستضعفة، وفي مقدمة هذه الاتهامات، أن كفة “الجمهورية” هي الأرجح في ايران على كفة “الإسلامية”، وأن “الأصل” في النظام في ايران، هو “الاسلامية”، وما “الجمهورية”، الا غطاء باهت لـ”الحكم الديني”.
ليس هناك من شك أن نظام الجمهورية الإسلامية في ايران، هو نظام متميز عن الأنظمة الأخرى، سواء كان دينياً أو ديمقراطيا، فـ”السيادة الشعبية الدينية”، التي تم إستنباطها من نظرية “ولاية الفقية”، التي طرحها الامام الخميني، يرفع التناقض المصطنع بين “حاكمية الله” و “حاكمية الشعب”، إعتمادا على أساس ثابت في الاسلام، وهو أساس “العقلانية” أو “التعقل”، فطاعة الله لن تتحقق الا بالاختيار والانتخاب، لذلك لا يوجد مجتمع ونظام اسلامي يحكمه مستبد، فالمجتمع الذي لا يُسمح فيه للناس بالتفكير والتصرف، هو مجتمع غير اسلامي، فـ”السيادة الشعبية” تعني الاهتمام بالناس، وهذا الاهتمام يتأتى من إهتمام الإسلام بكرامة الإنسان، وأي فعل ينتهك كرامة الإنسان، هو حرام، لذلك يعتبر سلب إرادة الإنسان، مصداق واضح لانتهاك كرامة الإنسان، وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه “السيادة الشعبية الدينية”.
انطلاقا من هذه المفاهيم، فان الولاية تكون مقبولة، عندما يكون الولي عادلا وتقيا ويعمل على الحفاظ على كرامة الانسان، وأي تعد على هذه الكرامة الانسانية هو تعد على حدود الله. وفي المقابل يمنع الاسلام الانسان من إرتكاب الأعمال التي تخالف الفطرة الانسانية، لأنه بذلك ينتقص من كرامته التي تعمل “السيادة الشعبية الدينية” على صيانتها، فهو بهذه الأعمال يبتعد عن التعقل ويتصرف بجهل، وهو ما لا يسمح به الاسلام، وعدم السماح هذا لا يعني تقييد حرية الانسان “العاقل”، بل تقييد لجهله. ومثل هذا الجهل، رأيناه وبشكل مقزز في الغرب، عندما شرعن الشذوذ الجنسي، و زواج المحارم والمثلية، ومسخ الانسان، وهدم الأسرة، ونسف كل القيم الأخلاقية والانسانية، بذريعة الحرية.
ان الغرب لم يكن وفيا حتى لمبادئه التي أقام الدنيا بسببها ولم يقعدها، مثل الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان، عندما إصطف الى جانب الأنظمة الدكتاتورية والمستبدة والقبلية في المنطقة وفي العالم ليشنوا حرباً كونية مفروضة بالوكالة عبر الديكتاتور المقبور صدام حسين على الجمهورية الإسلامية الفتية في ايران، وعندما دعم بكل إمكانياته، الكيان الاسرائيلي الارهابي الغاصب، في حرب الابادة التي يشنها هذه الأيام ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة والضفة الغربية وإرتكاب الكيان الصهيوني اللقيط لأبشع مجازر الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والعنصري وقتله لأكثر من 28 ألف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ ، إضافة الى جرح مئات الآلاف ، ولا زال الآلاف من الشهداء تحت الأنقاض في قطاع غزة ، فمثل هذه الممارسات لا يمكن أن تكتسي طابعا شرعياً، لأنها منافية للفطرة والعدالة الانسانية، في ظل نظام “السيادة الشعبية الدينية” ولا يمكن وضعها في خانة الخيارات والحريات، كما في الأنظمة الليبرالية. الصهيوأمريكية.
تتجلى جميع المبادىء التي تفصل بين الأنظمة الديمقراطية وبين الأنظمة الدكتاتورية، بأبهى صورها ، في نظام “السيادة الشعبية الدينية” الذي تعتمده الجمهورية الاسلامية في ايران، وفي مقدمته، الدستور والانتخابات، وتداول السلطة، الفصل بين السلطات، وحرية الاعلام، وحقوق الانسان، حقوق الاقليات، وهي مبادىء مارسها الشعب الايراني المسلم على مدى 45 عاماً، حيث شارك في أكثر من 40 عملية إنتخاب، بمعدل إنتخاب واحد كل عام. تراوحت بين إنتخابات مجلس الخبراء القيادة الذي يختار الولي الفقيه، وإنتخابات مجلس الشورى الاسلامي الذي يعتبر السلطة التشريعية، وإنتخابات المجالس المحلية،پ وقبل كل هذا وذاك التصويت على نظام الجمهورية الاسلامية، والتصويت على الدستور، وبذلك تستمد كل المؤسسات في الجمهورية الاسلامية،ولا إستثناء في ذلك، شرعيتها من الشعب.
المعروف فی منطق “الثورات” التی عرفتها الشعوب إنها تنتهی عادة بتأسیس أنظمة دكتاتوریة شمولية مطلقة تحكم بقرارات تصدرها مجالس قیادات هذه “الثورات” أو فی أفضل الحالات تنتهی بدساتیر مؤقتة، الا أن الثورة الإسلامیة فی ایران، لم تكتف بكتابة الدستور، بل دعت الى إجراء إستفتاء على طبيعة النظام، صوت فيه حوالي 98% من الايرانيين على تغییر النظام الملكی الشاهنشاهي الى الجمهوري.
الثورة الاسلامية التي أقامت نظام “السيادة الشعبية الدينية”، نقلت ايران من بلد متخلف وتابع لأمريكا الى بلد متقدم حر سيد مهاب الجانب، بعد أن أحيت الثورة الهوية الاسلامية للإنسان الايراني، التي حاول النظام الملكي طمسها، وهي عملية إحياء لم تنحصر في حدود ايران الجغرافية، بل تجاوزتها الى بقاع واسعة من منطقة غرب آسيا، كما أنها أحيت القضية الفلسطينية ، التي كادت أن تُدفن تحت ركام مخططات ومكائد أمريكا والدول الغربية الصليبية الاستعمارية، وسلمت السفارة الإسرائيلية الى منظمة التحرير الفلسطينية ودعمت المقاومة الفلسطينية لتحرير أرضها من البحر الى النهر، وما نشهده اليوم، وبالتحديد منذ معركة “طوفان الأقصى”، وإشتعال الجبهات، من اليمن الى العراق الى سوريا الى لبنان، نصرة لفلسطين، الا بعض تجليات هذا الاحياء الاسلامي العظيم.
لذلك فبعد أربعة عقود على إنتصار الثورة الاسلامية ، وعلى الرغم من الحصار الظالم الذي إستمر لأكثر من أربعة عقود ، ها نحن نرى نظام الجمهورية في إيران نظام قوي ومقتدر ومستقل في قراره السياسي بعيداً عن التجاذبات والهيمنة والتبعية للغرب أو الشرق ،وحقق الكثير من المكاسب في مختلف المجالات ، وويعتبر في مصاف الدول الكبرى في مختلف المجالات ، ولا زالت الجمهورية الاسلامية في إيران تدعم الشعوب المستضعفة ، وتدعم القضية الفلسطينية وفصائلها من أجل التحرر من ربقة الكيان الصهيوني الغازي والمحتل ، وتدعم فصائل المقاومة الاسلامية في العراق ، والنظام الثوري في اليمن ، وسائر الشعوب العربية والاسلامية وحركات التحرر من أجل إخراج جميع قوات الإحتلال الأمريكية والبريطانية والصهيونية من البلدان الاسلامية.
إننا نرى اليوم الجمهورية الاسلامية في ايران قد أخذت مكانتها المتميزة بين دول العالم ، وأصبحت محط أنظار شعوب العالم الحرة والباحثة عن الحرية والتواقة للإنعتاق من الإستعمار والتبعية والإستثمار الغربي الإستكباري وعلى رأسه أمريكا الشيطان الأكبر.
إننا نحيي صمود الشعب الايراني المسلم ، وثباته على مبادئه وقيمه وأهدافه ، ووقوفه خلف قيادته الحكيمة والشجاعة ، وخلف حكومته الثورية ومؤسساتها الثورية والأمنية وخلف قواته المسلحة المتمثلة في حرس الثورة الاسلامية وقوات التعبئة “البسيج” والجيش وسائر القوات المسلحة.
وأخيراً كانت وستبقى الجمهورية الاسلامية في ايران قلعة محور المقاومة ، والمدافعة عن حق الشعب الفلسطيني في التحرر من الإحتلال الصهيوني ، وداعمة للشعوب الاسلامية وحركات وفصائل المقاومة الاسلامية والوطنية من أجل التحرر من الإحتلال الصهيوأمريكي البريطاني الصليبي وكلنا ثقة بأن إنتصار الشعوب وحركاتها التحررية، خصوصا في العراق ولبنان والعراق وسوريا واليمن والبحرين على الإستكبار العالمي وأمريكا الشيطان الأكبر سيكون حتمياً، ولا يمكن لشعوبنا العربية والاسلامية أن تقبل بالإحتلال الأمريكي البريطاني الصهيوني وقواعده العسكرية ، من أجل نهب خيراتها وثرواتها ونفطها، وكفى إحتلالا وإستعماراً وسرقة لكل خيرات شعوبنا وإستضعافها مباشرة أو بالوكالة عبر أنظمة ديكتاتورية عميلة بالوكالة.