بين أصفهان ،، ومشهد ،،،

حافلة ، وقطار ، ومفارقات ..

♡♡♡♡ ٢١ ♡♡♡♡
عبد الحميد الكناني
☆☆☆☆
في لحظات الفجر الاولى جاءت الحافلة لتقل وفد رابطة المجالس البغدادية الثقافية ، من أصفهان الى محطة قطار مدينة قم للتوجه الى مدينة مشهد ، ضمن منهاج السفرة المعد للوفد ….
وكان الوفد هو الاخر مهيأ لاستقلال الحافلة حيث استيقظ مبكرا واكمل استعداداته للتوجه إلى مدينة مشهد ..
وانطلقت الحافلة في شارع كانت فيه حركة السيارات قليلة ،، وأثناء الطريق بدأت خيوط الشمس تتقدم جحافل شعاعها الذهبي ، وراحت فيالق الظلام تتقهقر أمام الزحف المظفر للاشراق البهي ، حتى اذا ما اعتلت الشمس الأفق ،، كانت فلول الليل قد تلاشت في الفلوات ليبزغ الصباح عطرا ، حاملا معه بشرى يوم جميل .. وهو ما لمسناه إذ تبادل الجميع تحيات الصباح وكأنهم افاقوا لتوهم من نوم طويل ،، وهم حقا حصلوا على اغفاءة في الطريق فرضت نفسها عليهم بعد يوم متعب وسهر تخللته ساعات قليلة من النوم ، بدلالة أنني احتسيت كوبا من الشاي من يد العزيز ابا عقيل الدراجي في غرفتهم الساعة الحادية عشرة مساء .. فضلا عن النهوض مبكرا ..
وكان أول صوت سمع بالحافلة بعد أن اخترقت حزم الإشعاع نوافذ الحافلة ، هو صوت العميد ، حادي الركب وقائد الجمع المبارك ،، هاتفا بالصلاة على محمد وال محمد ،، ليردد الجميع هتاف الصلوات الخالد ، الذي يعطر الألسن في كل الأوقات من حناجر إيمانية صادقة ..
لتنطلق أحاديث مختلفة بدت وكأنها موسيقى سيمفونية ، نبهتنا إلى جمال الطبيعة على جانبي الطريق الذي بدأ طويلا بعض الشيء ، إذ المسافة تبلغ قدر من الساعات . . وفي محطة قم أكملت إجراءات السفر وصعود القطار باتجاه مدينة مشهد المقدسة ، حيث مرقد الإمام الرضا عليه السلام ، لامضاء يومين ثم العودة لبغداد عن طريق مطار مشهد . .
وفي الساعة الثانية عشرة قبل الظهر أنطلق القطار ، ووزعت غرف القطار بواقع ٤ أشخاص لكل غرفة . . وجمعتني انا ووجيه بغداد السيد محمد الجابري رئيس رابطة العشائر والتفاوض ، والشيخ حمزة القريشي والإعلامي المرموق الأستاذ صباح الكلابي، غرفة تقاسمنا سرائرها ، لنأخذ قسطا من الراحة لمن استطاع النوم بعد أحاديث متنوعة وقصيرة . . وفي أول محطة وصلناها نزل الركاب جميعا لأداء صلاة الظهر في مسجد المحطة ، وهنا حصل ما ليس في الحسبان وان كان متوقعا ، حيث اشتبه الاخوين الأستاذ سعيد ياسين موسى ، والمحامي الشاب أمير الخزاعي بالقطار ، إذ نزلوا من ممر آخر ليفاجئوا بأنه ليس قطارهم، وحين استدلوا للقطار بعد جهد جهيد ، كان قد تحرك ، فسارعوا باللحاق به والوصول لعربة الوفد التي تقع في مقدمته
و بعد فاصل دراماتيكي تمكنوا من الصعود للقطار ومن ثم الوصول للعربة . .
وكان الجميع في حالة قلق عليهم ، فاستقبلوا بتضامن ومحبة من الجميع ، مع لوم بسيط من الحاج صادق منبها لضرورة الانتباه والتأكد من المسار الصحيح من وإلى القطار . .
وكان من المحتمل أن يستقلوا قطارا اخرا فينفصلوا عن الوفد.. او لايلحقوا بالقطار فيبقون بالمحطة في حال لايعرف منتهاه كيف يكون ،، ؟؟؟ .
المهم عدت على خير ..
وفي المحطة الأخرى كانت الخشية من تكرار الخطاء واردة ، فلم ينزل البعض ، وانا من بينهم اذ لم اذهب بعيدا ، وبقيت بجانب القطار درا لحدوث مفاجأة ،، وتجنبا لتكرار الخطأ مرة أخرى .. وعلى هذا الغرار جرى الحال في المحطات الأخرى بالنسبة لبقية اعضاء الوفد ..
وخلال الطريق الذي امتد على ١٤ ساعة لم تهدأ العربة من الحركة والتزاور بين العربات ،، وأن كان البعض قد استغل الطريق بالنوم المتواصل ، كما ذكر عن استاذ الموسيقى سامي الهيال . . ولكننا في الغرفة كان نومنا متقطعا وقليل جدا ،، ومضى معظم الوقت بالأحاديث و” السوالف” ،، وتبادل الزيارات ، وقد زارنا عددا من أعضاء الوفد ، كان في مقدمتهم العميد الذي أمضى وقتا معنا في الغرفة ، انسنا باحاديثه اللطيفة .. والدكتور إحسان الشعرباف والدكتور جعفر الجنديل والدكتور عمار والأستاذ صالح الجزائري والأستاذ ناجي يوسف الذين خففوا علينا أجواء الغرفة وضيقها بما كان من مزاح لطيف وحكايات متنوعة ..
لقد كانت سفرة متعبة في القطار امضيناها على مضض ، وتحملنا مشقة الطريق حتى الوصول في الواحدة والنصف صباحا ..
الى محطة مشهد ، و بعد النزول ، واجتياز مبنى المحطة إلى خارجها ، صعدنا السيارات التي كانت تنتظرنا وهما باصان صغيران اوصلانا للفندق ، وهناك وزعت الغرف بطريقة فرضتها الغرف الفارغة المتوفرة ،، فكان معي رفيقا القطار العزيزان ،، السيد محمد الجابري والإعلامي الاخ صباح الكلابي ، ، وافترقت عن صديقي العزيز الحاج حمزة القريشي الذي شاركني الغرفة في فندقي طهران واصفهان .. وذلك لكون الغرفة المتوفرة كانت تتسع ل ٣ أشخاص ،، ولكنه عاد في اليوم الثاني لمشاركتي الغرفة بعد ان توفرت غرفا اضافية ، وأعيد التوزيع القديم . . ولم نستغرق وقتا طويلا فسرعان ما سافرنا بنومة عميقة لساعات عدة هي ما تبقى من الليل، خففت من تعب الأمس .. لنستيقظ استعدادا لبرنامج اليوم ،، وافطرنا على عجل في كافيتريا الفندق وخرجنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *