– تحتفل إيران في السابع عشر من شهر ايلول/ سبتمبر باليوم الوطني للشعر والأدب الفارسي والذي يصادف الذكرى السنوية لوفاة الشاعر الإيراني الكبير محمد حسين شهريار حيث تم إعلان هذا اليوم کيوم الأدب الفارسي تكريماً وتخليداً لهذا الشاعر.
محمد حسين بهجت تبريزي المعروف بـ (شهريار)، شاعر ايراني شهير من مواليد قرية (خوشكناب) التابعة لناحية قرة جمن (بمحافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي إيران) في 18 ايلول / سبتمبر عام 1906 م (1325 هـ.ق). وقد تزامنت ولادته مع أحداث الحركة الدستورية (المعروفة بالمشروطة) حيث كانت أذربايجان تعيش في وقتها حالة مواجهة بين مؤيدي هذه الحركة وبين مؤيدي الديكتاتورية.
كان والده رجلاً عارفاً ويمتاز بمهارته الكبيرة في فن الخط وإسمه آقا سيد اسماعيل موسوي المعروف بحاجي مير آقاي خوشكنابي، ويعمل محامياً في دائرة العدل بمدينة تبريز.
أمضى شهريار طفولته في قريته التي تقع بجوار جبل جميل يعرف بإسم (حيدر بابا)، حيث إقترنت ذكريات طفولة شهريار بسفوح هذا الجبل الخلابة الجميلة، كما إستلهم من إسم هذا الجبل أحد روائعه الشعرية وهي قصيدة (حيدر بابايه سلام).
النبوغ الشعري لدى شهريار
ظهر النبوغ الشعري عند شهريار في سن مبكر اذ قدم لوالده الذي كان يوكل الدعاوى القضائية (بما هو معروف اليوم المحامي) مثقفا ومحترما بين قومه ورقة وعليه ابيات شعرية من نظمه فتوقع له الاب بمستقبل شعري زاهر وكان كذلك اذ نشر اول ديوان شعر له عام1929م مع مقدمة تعريف كتبها ملك الشعراء (بهار).
احب شهريار الشعر من صغره وعاش في كيانه جاعلا كل وقته وحياته وقفا له وكان يخلو للقوافي وينظم في اعتكافه يكتب في كل زمان ومكان وكانه وحي ينزل عليه من اله الشعر.
كان عمره 4 سنوات عندما تفتحت قريحته الشعرية بنظم اشعار باللغة التركية. وعندما بلغ عمره 13 عاماً اختار لنفسه لقباً شعرياً هو (بهجت).
أمضى مرحلته الدراسية في تبريز بمدرستي “متحدة” و”فيوضات” وكان يرغب في تعلم اللغتين الفارسية والعربية لدى والده كما ابدى الرغبة في تعلم فن الخط وتعلمت ايضا اللغة الفرنسية لفترة ما.
في العام 1921 غادر الى طهران لمتابعة دروسه في مدرسة (دار الفنون)، ثم إتجه إلى تعلم العزف على العود عند الاستاذ أبو الحسن صبا حيث إستحسن الأخير عزفه الى حد كبير وتأثر به. وفضلا عن العزف تمرن شهريار فترة من الزمن على الإنشاد على يد إقبال السلطان.
وبادر في نفس الايام إلى دراسة علم الطب وتقدم في دراسته إلى أن بلغ السنة الأخيرة لكنه ترك الدراسة إثر خوضه مغامرة عاطفية كان لها أثر كبير في نفسه مما إضطر الى ترك الدراسة بينما بقيت ستة اشهر لإنهائه دراسة الطب.
إن فشل المغامرة العاطفية أثرت في نفسية شهريار بحيث جعلته طريح فراش المرض. وفور سماعها بمرضه بادرت الفتاة التي أحبها إلى المجىء للقائه. وقد ألهمه هذا اللقاء نظم قصيدة غزلية رائعة أنشدها الاستاذ الفنان غلام حسين بنان بصوت عذب شجي.
بعد ذلك توجه شهريار الى خراسان لكي يتمكن من التغلب على ما عاناه من إحباط، وهناك إلتحق بوظيفة حكومية حيث عمل سنوات طويلة في دائرة تسجيل الوثائق بمدينة نيشابور ومن ثم في مدينة مشهد.
وكان في مدينة مشهد أن إلتقى بالرسام الايراني الكبير الاستاذ كمال الملك ونظم شعراً في وصفه. في عام 1936 إنتقل إلى طهران إثر وفاة والده، حيث عمل في المصرف الزراعي هناك.
وفي عام 1952 توفيت والدته، والذي إعتبره شهريار الحدث الأكثر مرارة في حياته حيث نظم قصيدة (واي أمي) مستلهماً كلماته من ذلك الحدث المؤلم.
كان شهريار من أوائل من أشادوا بشعر (نيما يوشيج) وذهب للقائه. وقد تبلور اللقاء فيما بعد على شكل علاقة صداقة متينة بين الاثنين.
من جهة أخرى جلبت قصيدة (حيدر باباية) التي كان قد نظمها باللغة الآذرية شهرة واسعة تجاوزت حدود ايران. وكان شهريار قبل ذلك قد أصدر أول كتاب شعري له في عام 1929، والذي قدم له كل من ملك الشعراء بهار وسعيد نفيسي وبجمان بختياري مشيدين به.
شهريار الذي كان قد اختار لنفسه في البداية الاسم الشعري (بهجت)، غيرّه فيما بعد الى (شهريار) بعد التفأل بديوان الشاعر حافظ.
كان في تلك الفترة يسكن في محافظة أذربايجان وعندما جاء إلى طهران عام 1971 حظي بإطراء وتكريم كبيرين من قبل الأدباء والأساتذة ليتبوأ مكانة رفيعة في عالم الأدب. في عام 1975 رحلت زوجته عن الدنيا.
وبعد فترة اعتبرته جامعة تبريز أحد حراس الشعر والادب الفارسي مانحة إياه شهادة دكتوراه فخرية. وفي عام 1984 أقيمت مراسم تكريم رائعة على شرفه في مدينة تبريز.
كان شهريار يكتب الشعر بالأسلوب الكلاسيكي إلا أن أسلوبه في البيان ونمطه الشعري يعد دليلاً على حالة من التجدد في طبعه، كما أن صور الخيال الأخرى التي يتميز بها شعره تضفي عليه مظهراً لامعاً.
وتتسم قصائده باللغة الآذرية بمميزات خاصة وتحمل أفكاراً متجددة قلما يشاهد نظير لها عند الاخرين. لقد خلف شهريار ديواناُ يضم 15000 بيت شعري تشتمل على الغزل والقصيدة والقطعة والمثنوي كما إن شعره الآذري بلغ أكثر من3000 بيت.
وفاته
توفي شهريار في 18 ايلول /سبتمبر عام 1987 بطهران بعد أن أدخل المستشفى بسبب المرض، ووري جثمانه الثرى في مقبرة الشعراء بتبريز الى جانب شعراء معروفين اخرين وذلك حسب وصيته.
وتكريماً لمكانته الرفيعة بادر المجلس الاعلى للثورة الثقافية إلى إطلاق اسم (اليوم الوطني للشعر والادب) على يوم وفاته رحمه الل